تواجه إسرائيل موجة من الإدانات الدولية بعد الغارة الليلية أول من أمس التي خلفت 45 قتيلا، بينهم أطفال، في مخيم للنازحين في رفح والذي يقع في منطقة صنفها الجيش الإسرائيلي سابقاً على أنها منطقة آمنة للفلسطينيين المدنيين.

وعلى غرار الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول أوروبية عديدة، نددت كندا بهذه الضربة فكتبت وزيرة خارجيتها، ميلاني جولي، في منشور على منصة ’’إكس‘‘ (تويتر سابقاً): ’’لقد روّعتنا الغارات التي قتلت مدنيين فلسطينيين في رفح‘‘، مؤكدةً على أن ’’كندا لا تدعم العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح‘‘، مضيفةً أن ’’هذا المستوى من المعاناة الإنسانية يجب أن يتوقف‘‘.

وجددت جولي في مجلس العموم مطالبة كندا بـ’’وقف فوري لإطلاق النار‘‘ بحيث أن “مستوى المعاناة الإنسانية كارثي”. كما قالت إن ’’قتل المدنيين الأبرياء غير مقبول على الإطلاق”، وإن “قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة”.
ومما ذكرته في كلمتها: ’’حتى في أوقات الحروب هناك قواعد. والصور القادمة من رفح مروّعة ومفجعة. لقد كان موقفنا واضحاً بشأن رفح، ونحن نقول ذلك منذ أسابيع: ليس لدى المدنيين الفلسطينيين أيّ مساحة آمنة يذهبون إليها‘‘.

في مجلس العموم ايضاً، أعرب زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاغميت سينغ، عن صدمته قائلاً: ’’من الصعب أن تجد الكلمات لوصف هول ما يجري في رفح‘‘. وأوضح أن ’’النساء والأطفال قد تم حرقهم أحياء في الخيام بعدما قيل لهم إنهم في منطقة آمنة‘‘. كذلك انتقد سينغ حكومة جوستان ترودو متسائلاً: ’’ما الذي سيتطلبه الأمر لكي ترسل هذه الحكومة الليبرالية رسالة إلى نتنياهو مفادها أن ما حدث لا يُغتفر؟ ما الذي سيتطلبه الأمر لكي تتخذ هذه الحكومة إجراءات لمنع حدوث هذه الإبادة الجماعية؟‘‘.

وكان قد أبلغ الدفاع المدني الفلسطيني عن وجود العديد من الجثث “المتفحمة” في مخيم النازحين، واتُهمت إسرائيل بإشعال النار في الخيام التي يسكنها الفلسطينيون.

وكانت محكمة العدل الدولية أمرت إسرائيل، يوم الجمعة الماضي، بوقف هجومها العسكري على رفح ’’بشكل فوري‘‘. ودعا منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، السلطات الإسرائيلية إلى إجراء تحقيق شامل وشفاف في الغارة على رفح، ومحاسبة المسؤولين عن أي مخالفات، واتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين بشكل أفضل. 

من جهته، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمس عن أسفه لما وصفه بـ “الحادث المأساوي”، لكنه أكد التزام بلاده بإلحاق هزيمة كاملة بحركة حماس، في حين ادعى الجيش الإسرائيلي في اليوم السابق أنه استهدف اثنين من كبار مسؤولي حماس بذخائر دقيقة، أي “أهداف مشروعة”، بحسب قوله.

في موازاة ذلك، أعرب أمس وزير الهجرة في الحكومة الكندية، مارك ميلر، عن “بعض من خيبة الأمل” تجاه إسرائيل، قائلاً إن وزارة الدفاع الإسرائيلية “لا تعترف” ببرنامجها للهجرة المؤقتة لأقارب الكنديين الذين تقطعت بهم السبل في قطاع غزة.

من جهتها أعلنت الحكومة الكندية عن رفع الحد الأقصى لعدد طلبات التأشيرة المؤقتة لسكان غزة من ألف إلى خمسة آلاف، في إطار مسعى لتسهيل لمّ شمل العائلات مع أقاربهم المقيمين في كندا. ومع ذلك، لا يزال عبور الحدود من غزة يمثل تحديًا كبيرًا بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل.

يُعدّ برنامج التأشيرة المؤقتة، الذي تم الإعلان عنه في ديسمبر/كانون الأول 2023، مبادرة إنسانية تهدف إلى مساعدة سكان غزة الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر. يسمح البرنامج للأقارب الكنديين برعاية أفراد عائلاتهم من غزة للحصول على تصريح إقامة مؤقتة في كندا لمدة 3 سنوات.

على الرغم من توسيع نطاق البرنامج، يواجه الراغبون في مغادرة غزة عقبات كبيرة. فمعبر رفح، وهو المنفذ الوحيد لسكان القطاع، مغلق بشكل متكرر من قبل السلطات الإسرائيلية، ما يخلق صعوبات هائلة للسفر.

وأعرب العديد من الكنديين عن خيبة أملهم من إغلاق المعبر، خاصة من ينتظرون بفارغ الصبر لمّ شمل عائلاتهم. وقد لجأ بعضهم إلى حملات تمويل جماعية لجمع الأموال لتهريب عائلاتهم عبر الحدود المصرية.

وتدعو الحكومة الكندية إلى إعادة فتح معبر رفح بشكل دائم من أجل تسهيل حركة الأشخاص والبضائع من وإلى غزة. كذلك تُواصل كندا العمل مع شركائها الدوليين لتقديم المساعدة الإنسانية لسكان غزة وتخفيف حدة معاناتهم.

اليوم يدخل حيّز التطبيق قرار إسبانيا، ايرلندا والنرويج الاعتراف بدولة فلسطين. ويستقطب هذا الموضوع اهتمام الصحافة المحلية. وقد أعلن اليوم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز رسمياً اعتراف بلاده بدولة فلسطينية تضم قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية.

وقال سانشيز إن اعتراف بلاده بجانب جمهورية أيرلندا والنرويج بدولة فلسطين هو خطوة تاريخية وتتماشى مع القرارات الأممية وتتيح تحقيق السلام. وأكد أن الخطوة غير موجهة ضد أي طرف مؤكداً على أن بلاده لن تعترف بأي تغيير لحدود 1967 إلا في حال اتفاق الفلسطينيين والإسرائيليين عليه. وأضاف سانشيز بأن الأولوية الآن هي وضع حد للأزمة غير المسبوقة في قطاع غزة وضرورة فتح المعابر المؤدية إلى القطاع.

ما هو الردّ الإسرائيلي على كل هذه المواقف؟

تجدد القصف الإسرائيلي على منطقة تل السلطان في شمال غرب مدينة رفح في جنوب قطاع غزة. رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قال في مؤتمر صحافي إنه لن يوقف الحرب وسيستمر إلى أن يحقق نصراً داخلياً وخارجياً.

وذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن نتنياهو يستعد لحل مجلس الحرب بعد الإنذار الذي وجهه له الوزير بيني غانتس. 
اليوم هناك اجتماع لمجلس الأمن بدعوة من الجزائر.

يُشار إلى أن الحرب الإسرائيلية على القطاع تدخل يومها الـ235 بينما وصلت حصيلة القتلى إلى أكثر من 36 ألف شخصاً وما لا يقل عن 81 ألف مصاب منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.