تزعج خيام المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطينية في جامعة ماكغيل الحكومة الكيبيكية. فبعد الوزيرين باسكال ديري (التعليم العالي) وفرانسوا بونارديل (الأمن العام)، وصف رئيس الوزراء فرانسوا لوغو، يوم أمس الخميس، المخيم الاحتجاجي بأنه “غير قانوني” وإنه ’’يجب احترام القانون‘‘، وقال إنه ”يتوقّع من الشرطة أن تقوم بتفكيك هذه المخيمات‘‘، مضيفاً أنّ ’’هذا ما طلبته ماكغيل‘‘.
وخرج لوغو بتصريحه على الرغم من حكم المحكمة العليا الذي كان أفاد يوم الأربعاء “إنه لا يوجد سبب في الوقت الحالي للتدخل“. وأيضاً على الرغم من تأكيد المتحدث باسم شرطة مونتريال جان بيار برابان يوم أمس أن الشرطة “لا تزال تقيّم” الوضع في ماكغيل. وقال إن المخيّم سلمي حتى الآن وليس من مصلحة الشرطة أو البلدية التدخل فورًا. كذلك قال إن أي تجاوزات لم تُسجّل حتى أثناء تنظيم مظاهرة مضادة من قِبَل مناصري اسرائيل ارتدى بعض المشاركين فيها سترات واقية من الرصاص وعرضوا بشكل متقطع، على شاشة تمّ رفعها قبالة حرم الجامعة، صوراً لهجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
من جهة المدافعين عن القضية الفلسطينية، واستجابة لنداء اللحظة الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، توافد مئات الأشخاص إلى المخيم. ومن بينهم أساتذة، عائلات شابة، طلاب يهود وعرب… وبعض الحاخامات اليهود أتَوا من نيويورك للتعبير عن امتعاضهم من المجازر التي ترتكبها الحكومة الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.
وخلال إعرابه أمس عن رغبته في أن يتم تفكيك المخيم، أوضح رئيس حكومة كيبيك أنه سيترك للشرطة أن تقرر متى وكيف ستتحرك لتنفيذ ذلك.
هذا التصريح أثار ردود فعل كثيرة ولا سيما من أحزاب المعارضة الثلاثة في الجمعية الوطنية الكيبيكية والتي انتقدت تصريح لوغو معتبرةً أن طلباً من هذا النوع يرفع من حدّة التوتر. وبالنسبة لليبراليين هو يشكل قلة احترام لسيادة القانون كونه يأتي رغم قرار المحكمة العليا.
كذلك كان لرئيسة بلدية مونتريال، فاليري بلانت، موقف من تصريح لوغو. فلم يبدو حين دُعيت للتعليق، أنها تشارك لوغو وجهة نظره، إذ قالت: “إن أولوية إدارتنا وشرطة مونتريال في هذا الوقت هي حماية الحقوق الأساسية لمجتمعنا، وضمان سلامة الجميع وتجنب تصعيد التوتر كما نلاحظ في الولايات المتحدة”.
حتى وزير العدل الفدرالي، عارف فيراني، وعند سؤاله عن تصريح لوغو، اقترح ألا يخبر السياسيون الشرطة بما يجب أن تفعله. وهو قال للصحافيين في أوتاوا: “إن القرارات التشغيلية للشرطة هي دائمًا قراراتهم المستقلة عن السياسيين”. “هذا هو الحال دائمًا في ديمقراطية مثل ديمقراطيتنا. … يميزنا هذا عن دول أخرى لا تُحترم فيها سيادة القانون ، لذلك فهو مهم للغاية “.
في سياق متصل، يواجه اثنان من أعضاء البرلمان الفدرالي، الليبرالي أنتوني هاوسفاذر والمحافظة ميليسا لانتسمان، انتقادات لنشرهما مقطع فيديو مضللًا على وسائل التواصل الاجتماعي. ويظهر الفيديو مشاهد تكسير خلال مظاهرة مناهضة للرأسمالية، لكن النائبين قدماها زوراً على أنها مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين.
وقد أدان الناشطون والمراقبون السياسيون المؤيدون للقضية الفلسطينية هذه المعلومات المضللة. ووصف البعض هذا الإجراء بأنه “تلاعب فادح” و”محاولة لتشويه سمعة الحركة المؤيدة للفلسطينيين”.
في أماكن أخرى في كندا، نصب المتظاهرون المؤيدون للفلسطينيين خيامًا في وسط الحرم الجامعي الرئيسي لجامعة تورنتو، مطالبين الجامعة بقطع العلاقات مع إسرائيل بسبب الحرب في غزة.
وكان الطلاب الذين تسلقوا سياجًا لإقامة معسكرهم في حوالي الساعة الرابعة صباحًا، ينضمون إلى المتظاهرين في أماكن أخرى في كندا والولايات المتحدة في مطالبة مؤسساتهم التربوية بالكشف عن علاقاتها مع الحكومة الإسرائيلية وسحب الاستثمارات من الشركات الإسرائيلية.
وطُلب من آخر المتظاهرين في حرم جامعة تورنتو المغادرة حتى الساعة العاشرة مساءً.
وكانت ظهرت مخيمات أخرى بالإضافة إلى حرم جامعة ماكغيل في مونتريال، في جامعة أوتاوا، والجامعة الغربية في لندن، أونتاريو، وجامعة بريتش كولومبيا.
في الولايات المتحدة، تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن لأول مرة عن تفكيك معسكرات الاحتجاج والاعتقالات التي تحدث في الجامعات في جميع أنحاء البلاد. وأكد بايدن مجددا حق المواطنين في التعبير عن سخطهم، لكنه شدد أيضا على أهمية احترام سيادة القانون. وقال: “نحن لسنا دولة استبدادية حيث نسكت الناس ونسحق المعارضة”. “لكننا لسنا دولة خارجة عن القانون أيضًا.” ودعا الرئيس الأميركي إلى الهدوء والحوار لحل التوترات الاجتماعية التي تشهدها البلاد.