لا يُعدّ تراجع مستوى النقاش في مجلس العموم ظاهرة جديدة، فقد تحولت فترة الأسئلة منذ زمن طويل إلى مسرح لاتهامات مُتخفية في شكل أسئلة (على غرار “متى تعترف الحكومة بعدم كفاءتها؟”) وردود من المعيار نفسه.
ومع ذلك، نادرًا ما شهدنا مشهدًا مؤسفاً مثل مشهد يوم الثلاثاء، حين اضطر رئيس مجلس العموم، غريغ فيرغسون، إلى طرد نائبة محافظة، وكذلك زعيم المعارضة الرسمية، الذي أصر على وصف رئيس الوزراء بـ “المخبول” و “المتطرف” و “الراديكالي”.
يتمتع النواب بقدر كبير من حرية التصرف لانتقاد سياسات الحكومة: فقد تم استخدام كلمة “مخبول” (wacko) سابقاً في مجلس العموم، وتم قبولها. لكن لا يمكننا إسناد مثل هذه الصفات إلى المسؤولين المنتخبين. في الجلسة نفسها، تم أيضًا توبيخ رئيس الوزراء جوستان ترودو بعدما قال عن بيار بوالييفر إنه “ليس لديه عمود فقري” أي لا يملك شجاعة.
كل هذا قد يكون مسليًا لولا أنه يتعلق برئيس الوزراء والشخص الذي يتطلع إلى أن يحل محله.
ما فائدة هذا المسرحية للشعب؟ لا شيء على الإطلاق.
لكن حتى لو أصبحت المناقشات الحادة أمرًا شائعًا بين السياسيين، يبقى السؤال المهمّ: ما مدى ما يمكننا الذهاب إليه من دون المساس بأخلاقيات ومصداقية المؤسسات الديمقراطية؟
يوم أمس، كان الرئيس الأسبق للجمعية الوطنية في كيبيك، جان بيار شاربونو، ضيفًا في برنامج “كواليس السلطة” حيث شارك أفكاره حول هذه القضية الملحة. فشاربونو الذي شهد العديد من المواجهات السياسية خلال حياته المهنية، وصف المناخ الحالي في مجلس العموم بأنه “مثير للقلق”. ومما قاله: “نشهد تصاعدًا في حدة وطبيعة التبادلات بين البرلمانيين، مما يتجاوز أحيانًا الخط المقبول. هذا النوع من السلوك يضر بالمناقشة الديمقراطية ويقوض ثقة الجمهور في مؤسساتنا”. وفقًا له، يعتمد النظام البرلماني على مجموعة من المعارك المتحضرة، لكنه يؤكد على أنه هناك حدود لا ينبغي تجاوزها. طرد عضو برلماني هو سلاح أخير يجب استخدامه باعتدال، فقط عندما تخرج الأمور عن السيطرة وتهدد هيبة الرئاسة.
وكان أثار قرار الرئيس مجلس النواب فيرغسون طرد زعيم المحافظين بيار بوالييفر بسبب تصريحات اعتبرت غير مقبولة ردود فعل قوية، مع اتهامات بالرقابة ودعوات إلى استقالة الرئيس.
تعليقاً على هذا الموضوع، شدّد شاربونو على أهمية الثقة في قرارات الرئيس، والتي يتم بناؤها تدريجيًا بمرور الوقت. كما حذر من السلوكيات الاستفزازية، التي تقوض ثقة المواطنين ومصداقية المؤسسات الديمقراطية.
أما بالنسبة للحلول المقترحة من أجل تهدئة المناخ في مجلس العموم وإعادة النقاش إلى مستوى أكثر تحضرًا، قال شاربونو: “لا توجد وصفة سحرية. سيتطلب الأمر جهدًا مشتركًا من جميع البرلمانيين والحكومة والمعارضة لاحترام قواعد النقاش ومعاملة بعضهم البعض باحترام. وتلعب وسائل الإعلام أيضًا دورًا في تجنب الإثارة الحسية للأحداث وتشجيع الخطاب البناء.”
الديمقراطية قوية وهشة في الوقت نفسه، وكل ممثل سياسي مسؤول عن الحفاظ على سلامتها.