وجه ريتشارد فاغنر، رئيس المحكمة العليا في كندا ورئيس المجلس القضائي الكندي، أمس تحذيرًا صارخًا بشأن المخاطر التي تتعرض لها الديمقراطية بسبب الهجمات السياسية على استقلال وحيادية المحاكم والقضاة.

وانتقد على وجه التحديد السياسيين والإعلام والمعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين ينتقدون القضاة شخصيًا، أو لا يقرأون الأحكام قبل تقديم ما صوره على أنه آراء سريعة سطحية تغذي “التضليل” بشأن المحاكم وقراراتها.

وقال: ”نشهد اليوم هجمات على قضاتنا ومؤسساتنا، وهو أمر لم نكن نراه إلا في الخارج وحتى المسؤولين المنتخبين قد يشاركون في التضليل، لم نشهد هذا من قبل، حيث ينتقد المسؤولون المنتخبون القرارات لمجرد أن حكومة فدرالية معينة عينت القاضي المعني”.

لم ينطق كبير القضاة الكنديين باسم دونالد ترامب عندما سئل عما إذا كان يخشى من تأثير خطاباته المناهضة للقضاء على ثقة الكنديين في المحاكم. لكن من المؤكد أنه يخشى فعلاً ذلك.

وعندما سئل تحديدًا عن تأثير الرئيس الأميركي السابق ترامب، اكتفى فاغنر بالقول إنه تخلى عن محاولة فهم الأحداث السياسية التي تتكشف جنوب الحدود خلال عام انتخابات رئاسية يهاجم فيها ترامب -المرشح الجمهوري المفترض والآن المجرم المدان- القضاة وكل من يعارضه. وقال: “سأعتمد عليكم، وسائل الإعلام، وسأعتمد على المسؤولين المنتخبين، والمتخصصين، والخبراء، وعلماء الاجتماع، وربما أطباء النفس، في محاولة فهم … ما نشهده في بعض البلدان القريبة جدًا منا”.

وأشار فاغنر إلى وجود اختلافات في الأساليب التي يتم بها تعيين القضاة الأميركيين والكنديين وفي “المبادئ الأخلاقية” التي تحكم أنظمتهم القانونية. وفي حين أنه لم يقل إن النظام الأميركي أكثر تسييسًا، فقد دعا قادة الرأي والمؤثرين الكنديين إلى حماية استقلال القضاء من الانتقادات غير العادلة والهجمات غير المبررة.

وفي تلك الحالة، اضطرت المحكمة العليا إلى الاعتماد على وسائل إعلام تقليدية أخرى لتصحيح الأمور، كما قال.

ولم يستطع فاغنر تحديد ما إذا كانت هناك زيادة في التهديدات ضد قضاة مثله، قائلا إنه لا يتم إبلاغه بها دائمًا وأنه يتمتع هو، مثله مثل الحاكم العام ورئيس الوزراء، بحماية أمنية شخصية عندما يكون في الأماكن العامة. لكنه أشار إلى “مناخ” متغير، بما في ذلك المزيد من الأمن للوزراء، وقال إنه منذ ما يسمى بـ “قافلة الحرية” في عام 2022، “زاد العنف اللفظي، وأحيانًا حتى العنف الجسدي الذي لم نكن نراه من قبل”.

وأعرب فاغنر عن أمله في أن لا ينتقل مستوى الاستقطاب والعنف في الولايات المتحدة عبر الحدود، ويعتقد أن سيادة القانون واستقلال القضاء لا يزالان يحظيان بالاحترام في كندا، “ولكن يجب أن نراقب ذلك عن كثب”.

كما أدرج فاغنر عوامل أخرى يخشى من أن تقوض الثقة العامة في المحاكم، بما في ذلك المناصب القضائية الشاغرة المستمرة، ونقص التمويل لدعم عمل القضاة الذين يتعاملون مع أعباء عمل قضائية كبيرة ويعانون من الإرهاق، وكيف أدى استخدام الذكاء الاصطناعي إلى الاستشهاد بسوابق قضائية خاطئة في قضايا أمام المحاكم – وهو ما حدث في كندا وأوروبا.

وفي العام الماضي، انتقد فاغنر بشدة التأخير المستمر للحكومة الفدرالية في شغل المناصب القضائية الشاغرة، قائلاً إنه لا يوجد تفسير مناسب لمشكلة تعرض قضايا جنائية ومدنية خطيرة للخطر، وإنه كتب إلى رئيس الوزراء جوستان ترودو لحثه على التحرك بسرعة.

يوم أمس، وخلال المؤتمر الصحافي، قال فاغنر إنه شهد “تحسنًا طفيفًا” في وتيرة التعيينات القضائية الفدرالية. وقال إنه اعتبارًا من الأول من يونيو/حزيران الحالي، كان هناك 57 وظيفة شاغرة، مقارنة بنحو 90 وظيفة شاغرة في الفترة نفسها من العام الماضي.

واعترف فاغنر بوجود تحديات في استقطاب المزيد من القضاة، بما في ذلك الرواتب وظروف العمل الأفضل في القطاع الخاص، لكنه قال: “ليس هناك علاج واحد لذلك. أعتقد أننا بحاجة إلى تهيئة الظروف الجيدة لجذب أفضل المرشحين”.

سيقوم المعهد القضائي الكندي قريبًا بإجراء مسح حول الصحة العقلية للقضاة في كندا، كما أنه يدرس عن كثب استخدام الذكاء الاصطناعي في المحاكم. وقال رئيس القضاة إن الذكاء الاصطناعي لديه “إمكانات كبيرة” لاستخدامات مثل الترجمة، ولكنه يشكل أيضًا خطرًا “جسيمًا” إذا تم إساءة استخدامه.