في الآونة الأخيرة، شهدت كندا ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات البطالة بنسبة 15% منذ أغسطس/آب الماضي، ليصل عدد العاطلين عن العمل إلى 1.37 مليون شخص. هذا الارتفاع يأتي في ظل تباطؤ الاقتصاد وزيادة أسعار الفائدة. ومع ذلك، فإن عدد الأشخاص الذين يحصلون على إعانات البطالة لم يزد بشكل كبير، حيث بلغ حوالي 484 ألف شخص فقط، ما يمثل 34% من إجمالي العاطلين عن العمل. هذا الوضع يثير تساؤلات حول مدى فعالية نظام تأمين البطالة في كندا.
يعاني الكثير من العاطلين عن العمل في كندا من صعوبة الحصول على إعانات البطالة، وذلك بسبب الشروط الصارمة المؤهلة لذلك. يتطلب الحصول على هذه الإعانات أن يكون الشخص قد ساهم في برنامج التأمين من خلال خصومات الرواتب، وأن يكون لديه فصل وظيفي صالح، بالإضافة إلى العمل لعدد معين من الساعات المؤمنة خلال الأشهر الـ 12 الماضية. هذه الشروط تمثل عائقًا كبيرًا أمام الشباب، والمهاجرين الجدد، والمقيمين المؤقتين الذين قد لا يكون لديهم سجل عمل كافٍ.
يواجه الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا تحديات كبيرة في الحصول على عمل مستقر. وفقًا لبيانات مؤسسة الإحصاءات الكندية، فإن معدل البطالة بين الشباب قد وصل إلى 13.5%، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2014، باستثناء سنوات الجائحة. ورغم أن الشباب يشكلون 29% من العاطلين عن العمل، فإنهم يمثلون فقط 9% من المستفيدين من إعانات البطالة.
المهاجرون الجدد يواجهون تحديات مماثلة، حيث يجدون صعوبة في الحصول على وظائف مستقرة بسبب قلة الخبرة العملية في كندا وعدم توفر شبكات دعم اجتماعية قوية.
يرجع جزء كبير من ارتفاع معدلات البطالة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي نتيجة لسياسات مصرف كندا المركزي التي رفعت أسعار الفائدة. هذه السياسات تهدف إلى مكافحة التضخم، لكنها أدت إلى تقليل فرص التوظيف. بالإضافة إلى ذلك، تسهم الهجرة المستمرة في زيادة عدد الباحثين عن عمل، ما يرفع من معدل البطالة العام.
في ظل هذه التحديات، تتزايد الدعوات لإصلاح نظام تأمين البطالة في كندا. الاقتصاديون يشيرون إلى أن النظام الحالي غير كافٍ لدعم العاطلين عن العمل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. في الماضي، كان النظام أكثر شمولية، حيث كان يغطي أكثر من 80% من العاطلين عن العمل في الثمانينيات.
في تصريحاته الأخيرة، أشار محافظ مصرف كندا المركزي، تيف ماكلم، إلى أن تأثير ضعف سوق العمل لا يتساوى بين جميع العاملين، مؤكداً أنه يؤثر بشكل خاص على الداخلين الجدد إلى سوق العمل، بما في ذلك الشباب والمهاجرين الجدد الذين يجدون صعوبة في العثور على وظائف.
في الختام، تظهر هذه الأرقام والبيانات الحاجة الماسة إلى مراجعة وإصلاح نظام تأمين البطالة في كندا، لضمان توفير دعم كافٍ للعاطلين عن العمل، وخاصة الفئات الأضعف مثل الشباب والمهاجرين الجدد. هذا الإصلاح يمكن أن يكون خطوة نحو تعزيز العدالة الاجتماعية ودعم الانتعاش الاقتصادي في البلاد.