رغم أن الانتخابات الفرعية ليست ذات تأثير كبير في كثير من الأحيان، إلا أنها قد تؤدي في بعض الأحيان إلى زعزعة المشهد السياسي. اثار انتصار حزب المحافظين الأخير في دائرة تورنتو-سانت بول، معقل الليبراليين منذ عقود، قلق النواب الليبراليين، حيث دعا البعض إلى تغييرات عاجلة لتجنب كارثة انتخابية خلال الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول 2025.
منذ تلك الهزيمة، تم النظر في ثلاثة خيارات أمام جوستان ترودو: تعديل وزارته، أو استبدال رئيسة مكتبه، أو إفساح المجال لزعيم جديد. ولا يزال رئيس الوزراء متكتما بشأن خططه، على الرغم من تقدم المحافظين بـ15 إلى 20 نقطة في استطلاعات الرأي.
وتظهر السوابق كيف أن الانتخابات الفرعية كانت بمثابة إعلان عن اضطرابات سياسية كبرى. في عام 2007، سبق انتصار الحزب الديمقراطي الجديد في أوترمون الموجة البرتقالية في كيبيك عام 2011. وعلى نحو مماثل، كان اندماج حزب المحافظين التقدمي والتحالف الكندي في عام 2004 نتيجة لهزيمة مذلة للتحالف في عام 2003، الأمر الذي أدى إلى إنشاء حزب محافظ موحد فاز في انتخابات عام 2006 تحت قيادة ستيفن هاربر.
وفي 16 سبتمبر/أيلول المقبل، ستُجرى انتخابات فرعية جديدة في لاسال-إمارد-فردان في مونتريال وإلموود-ترانسكونا في وينيبيغ. وستحدد النتائج ما إذا كان الناخبون سيختارون الوضع الراهن أم التغيير، وهي قضية حاسمة بالنسبة لجوستان ترودو، الذي لا يستطيع تحمل هزيمة أخرى بعد تورنتو-سانت بول، بل يمكن أن تكون استفتاء على قيادة ترودو ووضع الليبراليين على الصعيد الوطني.
وأحدثت الخسارة الأخيرة لمعقل الليبراليين، تورنتو- سانت بول، لصالح المرشح المحافظ دون ستيوارت بفارق ضئيل، صدمةً في صفوف الليبراليين. كان هذا الدائرة معقلًا لليبراليين لعقود، وكان نشغلها مؤخرًا الوزيرة كارولين بينيت. الآن، مع اقتراب انتخابات فرعية أخرى، يزداد الضغط.
في كيبيك، يدافع الليبراليون عن دائرة لاسال – إيمار – فردان، التي كان يشغلها سابقًا وزير العدل السابق ديفيد لاميتي. وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة ماينستريت في 9 يوليو/تموز سباقًا متقاربًا، حيث حصل الليبراليون على 29%، والكتلة الكيبيكية على 26%، والحزب الديمقراطي الجديد على 25%. أما المرشح المحافظ يتأخر بنسبة 14%.
اختيار المستشارة البلدية لورا بالستيني كمرشحة ليبرالية من دون منافسة ترشيحية قد أثار الجدل. زعيم الحزب الديمقراطي الجديد جاغميت سينغ قد بدأ بالفعل في حملته مع مرشحهم كريغ سوفيه. الكتلة الكيبيكية تقدم لويس فيليب سوفيه، الموظف السياسي. هذه الانتخابات الفرعية حاسمة لترودو، كقائد وككيبيكي، نظرًا للهيمنة التاريخية لليبراليين في مونتريال.
في مانيتوبا، يهدف الحزب الديمقراطي الجديد إلى الاحتفاظ بدائرة إلموود – ترانسكونا، التي احتفظوا بها معظم السنوات الـ 36 الماضية. يقود المحافظون، بقيادة بيار بوالييفر، حملة قوية في هذه الدائرة، حيث يصورونها كـ “استفتاء صغير على ضريبة الكربون” ويستغلون عدم شعبية الحكومة الليبرالية. المرشح المحافظ كولين رينولدز، وهو كهربائي وعضو نقابي، يسعى لجذب الناخبين من الطبقة العاملة.
الليبراليون أيضًا في السباق مع قائد النقابة إيان ماكنتاير، بينما مرشحة الحزب الديمقراطي الجديد هي ليلى دانس، المديرة التنفيذية لجمعية الأعمال الصغيرة. تدخل رئيس الوزراء الشعبي للحزب الديمقراطي الجديد واب كينيو يضيف ديناميكية مثيرة لهذه المنافسة.
التبعيات
إذا خسر الليبراليون دائرة لاسال -إيمار – فردان، فقد يكون ذلك كارثيًا على قيادة ترودو، ما يؤدي إلى انخفاض معنويات الكتلة البرلمانية ويؤدي إلى انسحاب المزيد من النواب الليبراليين من السباقات المستقبلية. وعلى النقيض من ذلك، فإن فوز الحزب الديمقراطي الجديد في كيبيك سيكون بمثابة مفاجأة كبيرة، ما يعزز مكانتهم كخصم قوي. بينما يهدف المحافظون، في مانيتوبا، إلى تحقيق تقدم في قاعدة الحزب الديمقراطي الجديد للطبقة العاملة على مستوى البلاد.
بعد مرور الزعيم الديمقراطي الجديد جاغميت سينغ في لاسال-إيمار-فردان يوم الاثنين، جاء دور زعيم الكتلة الكيبيكية لإطلاق حملته هناك. يعقد إيف فرانسوا بلانشيت مؤتمرًا صحفيًا اليوم الأربعاء في الدائرة الواقعة جنوب غرب وسط مدينة مونتريال، حيث يتنافس مرشح الكتلة هناك، لويس فيليب سوفي.
ويتنبأ النموذج الموجود على موقع 338Canada بسباق ثلاثي بين كريع سوفيه، من الحزب الديمقراطي الجديد، ولويس فيليب سوفيه، من الكتلة الكيبيكية، ولورا بالستيني، من الحزب الليبرالي الكندي. وسيحظى الأخير بتقدم بنسبة 6% في نوايا التصويت، والذي يظل مع ذلك ضمن هامش الخطأ الإحصائي.