أدى ارتفاع تكاليف المعيشة بالإضافة إلى انتهاء برامج المساعدة الخاصة المنتشرة خلال جائحة كوفيد-19 إلى التسبب بمزيج مدمر للعديد من العائلات . وفي حين أن الحكومات قامت في البداية بتوسيع شبكاتها الاجتماعية لتخفيف الصدمة الاقتصادية، تحسنت الأوضاع المالية للأسر بشكل عام على الرغم من الأزمة في كندا. لكن هذه الديناميكية تغيرت بسرعة.

الأرقام تتحدث عن نفسها: انخفض متوسط ​​دخل الأسرة الحقيقي بعد خصم الضرائب في كيبيك، من 65,900 دولار في عام 2020 إلى 64,600 دولار في عام 2022.  بالإضافة إلى ذلك، زادت نسبة الكنديين الذين يعيشون تحت الحد الرسمي للفقر من 4.8٪ في عام 2020 إلى 6.6٪ في عام 2022.

تكشف البيانات الحديثة الصادرة عن هيئة الإحصاءات الكندية أيضًا أن نسبة السكان الذين يعيشون في حالة انعدام أمن غذائي معتدل أو شديد زادت من عام 2019 إلى عام 2022، حيث ارتفعت من 7.1٪ إلى 10.8٪. وتفسر هذه الظاهرة جزئيا بانتهاء برامج المساعدات الخاصة التي تم تنفيذها خلال الجائحة وارتفاع تكلفة المعيشة.

وهذا بالفعل وضع مثير للقلق. ولكن من المهم أن نتذكر أن الفقر في كيبيك لم يظهر فجأة. وإذا عدنا قليلاً في الزمن، نجد أن نسبة الأسر التي تعاني من الفقر انخفضت بالفعل من 13.5٪ إلى 8.9٪ بين عامي 2016 و 2019. ويعود هذا التحسن بشكل ملحوظ إلى قوة الاقتصاد والتوظيف. 

لكن الجائحة جاءت لتعرقل هذه الاتجاهات الإيجابية. وقد أدى اختفاء برامج المساعدات والتضخم المتسارع إلى دفع العديد من سكان كيبيك نحو هاوية من عدم الاستقرار. والفئات الأكثر ضعفا هي الأكثر تضررا. فالأشخاص الوحيدين والأسر ذات المعيل الوحيد والشباب هم تحديداً الأكثر عرضة للخطر.

تبرز هذه الحركة المتقلبة للفقر خلال الجائحة أهمية الشبكات الاجتماعية في مكافحة الفقر. ولكن هذا ليس العامل الوحيد المؤثر، فارتفاع الأسعار، وتباين الأجور، وعوامل اقتصادية أخرى تساهم أيضاً في هذا الوضع المثير للقلق.

إذن، ما الذي يمكننا فعله لمحاربة الفقر، عكس هذا الاتجاه ودعم الأسر الأكثر ضعفًا في مجتمعنا؟

هذه مسألة بالغة الأهمية تتطلب دراسة متأنية وإجراءات متضافرة ومتناسقة. وكان توصل معهد البحوث والمعلومات الاجتماعية والاقتصادية (IRIS) إلى استنتاج مفاده أنه لكي يكون قابلاً للاستمرار، يجب أن يكون الدخل السنوي بعد الضرائب للشخص الواحد 38,500 دولار في مونتريال، و30,700 دولار في تروا- ريفيير و 43,600 دولار في سيت إيل. بالنسبة لعائلة مكونة من شخصين بالغين وطفلين، يجب أن يكون الحد الأدنى الضروري للدخل قريبًا من 82,000 دولار في مونتريال، و72,800 دولار في تروا ريفيير  و86,600 دولار في سيت إيل.

على ضوء هذه الأرقام، ليست الزيادة البالغة 50 سنتًا في الحد الأدنى للأجور في الساعة والتي دخلت حيز التنفيذ هذا الأسبوع هي التي ستغير الأمور بشكل جذري بالنسبة إلى الموظفين المعنيين بها بشكل مباشر. الآن براتب 15.75 دولارًا للساعة، بالكاد يسمح لشخص واحد يعمل 35 ساعة أسبوعيًا ويعيش في مونتريال بتجاوز الحد الأدنى للدخل، لكنه لن يسمح له بقطع نصف المسافة إلى الدخل المعقول، وفقًا لـ IRIS. لتجاوز هذا الحد الأدنى الأخير، سيتعين عليه العمل لأكثر من 50 ساعة في الأسبوع أو الحصول على أجر بالساعة بقيمة 27 دولار في الساعة.

وتغطي إعانة المساعدة الاجتماعية الأساسية (11.800 دولار) أقل من نصف الدخل الإجمالي المحلي وأقل من ثلث الدخل المعقول.

“نحن نميل إلى الاعتقاد بأن العمل يكفي للخروج من الفقر، لكن اقتصادنا يوفر فئة من العمال والعاملات الفقراء الذين، حتى لو عملوا 50 ساعة في الأسبوع، يجدون صعوبة في تلبية احتياجاتهم”، علقت الباحثة ومؤلفة الدراسة في IRIS، إيف لين كوتورييه.

ما يجب القيام به لمحاربة الفقر؟

لا يوجد حل معجزة، ولكن من الواضح أنه لا بد من زيادة تدابير المساعدة الاجتماعية لتأخذ في الاعتبار تكاليف المعيشة الحقيقية. ومن المهم أيضًا توفير وظائف لائقة وجيدة الأجر. ويجب علينا أيضًا معالجة الأسباب الجذرية للفقر، مثل عدم المساواة الاجتماعية وصعوبة الحصول على السكن.نذكر أنه إذا كان أي شخص يعاني من الفقر، فهناك موارد لمساعدته. يمكنه الاتصال بالمنظمات المجتمعية أو وزارة الصحة والخدمات الاجتماعية.